مدينة الرمّاني .. مرفق صحيّ يُفاقمُ معاناة المرْضى والأدوية التي تمنح للمرضى تخضع” للاستغلال السياسي” من طرفِ إدارة المستشفى الذي يُديره رئيسُ المجلس الجماعي
بعيداً عن “الأخبار السعيدة” التي يُعلنها مسؤولو وزارة الصحّة بشأنِ توسيعِ دائرة المستفيدين من التغطية الصحيّة الأساسية، وشملها المهنيين وأصحابَ المهن الحُرّة، يطرَح الكثير من المواطنين سؤالَ جدْوَى هذه العمليّة، طالَما أنَّ كثيرا من المراكز الصحية تفتقرُ إلى التجهيزات، وحتّى الأطباء.
وقدْ يتبادرُ إلى الذهن أنّ المراكز المفتقرة إلى التجهيزات والموارد البشرية تقع في المناطق النائيّة، لكنَّ الواقعَ عكْسَ ذلك، فمِثلها توجدُ في مناطق لا تبعُد عن الرباط سوى ببضع عشرات الكيلومترات، مثل “مدينة” الرمّاني، التي لا يفصلها عن العاصمة سوى 80 كيلومترا.
وسَط هذه المدينة، الغارقة في التهميش، ثمّة مركز صحي صغير، لكنّ الخدماتِ التي يُقدّمها للمرضى لا ترقى إلى مستوى تطلعات السكان، بلْ إنها تثيرُ غضبهم وسُخطهم، بسبب عدمِ حضور زيارة اي مسؤول ولو لمرة واحدة في الشهر، وأحياناً لا يأتي هذا المسؤول إلّا عند اقتراب موعد الانتخابات، كمَا أكد ذلك أكثرُ من مواطن.
“حْنَا ضايْعين.. مَا كانْصِيبُو فِينْ نْدوّزو لا حْنا لا ولادنا”، تقولُ سيّدة للجريدة، وتُضيفُ بغضبٍ: “ التجهيزات الطبيبة ما كايناش منعدة، وحْنا بغيناها نشريوها”. ما قالتْه هذه السيّدة التي لقيَ كلامُها تأييدا من مجموعة من المواطنين الذين تحلّقوا حولها، وهي تتحدّث إلينا أمام المركز الصحّي بـ”الرّماني”، يؤكّده الفاعل الجمعوي بقوله: “في غالب الأحيان الأطر الطبيبة والشبه الطبية تضطر الى شراء الادوية من مالهم الخاص للمعوزين، أما المسؤول المباشر عن المركز الصحي بالاقليم فإنه مشغول بالتسيير المحلي ولا يهمه معاناة المواطنين المرضى خاصة النساء الحوامل، عيب وعار على المسؤولين الذين ينهجون سياسة اتركه يمرض اتركه يموت، هل هي سياسة انتقامية تمارس ضد مرضى الإقليم وعائلاتهم، أم أن الأمر له خلفيات أكثر من ذلك…؟؟؟؟”.
وأضاف المتحدّث ذاته أنَّ المركز الصحّي الصغير يسيرُ وفقَ نظام خارج الزمن الصحي، وقدْ صادفتْ زيارتنا إلى “مدينة” الرمّاني يومَ الجمعة، وكانَ من المفروض أنْ تكون الأدوية الطبيبة متوفرة بالمركز الصحيّ، لكنَّ عددا من المواطنين الذين التقيناهم أمام المركز قالوا إنّها منعدمة على طول السنة.
ولا تتوقّف معاناة سكّان “المدينة” المتواجدة في ضواحي العاصمة الرباط عندَ هذا الحدّ، بلْ إنَّ الانتظارَ لساعات طوالٍ أمامَ المركز الصحّي، يومَ الثلاثاء أو الجمعة، للظفرِ بفحْصٍ طبّي، ينتهي، أحيانا، بخيْبة أملٍ كبيرة، يُلخّصها فاعل جمعوي في هذه الجملة: “بْعْض المرّاتْ كانبقاوْ شادّين النّوبة مْن الخْمسة دْ الصباح، وفي الأخير كايْقولو لِينا الادوية غير موجودة وحتى ادوات التعقيم منعدمة بشكل كلي ”.
وحينَ يحتجُّ السكّان على الطبيبة المسكينة المغلوب على أمرها، تقول لهم: “سيرو شْكِيو على روسوكم”، كمَا قالت إحْدى السيّدات للجريدة، موضحة أنّ الأطر الشبه الطبية لا تتحمل مسؤولية الاهمال ونقص التجهيزات بل المسؤول عن القطاع الصحي بالاقليم هو من يتحمل المسؤولية ما يقع بالكامل، وكذلك رئيس المجلس المحلي، والمسؤول الترابي الأول في عمالة الخميسات، أين هي الميزانيات المرصودة لقطاع الصحة بالإقليم؟؟، وكيف تصرف ومن المسؤول عن صرفها؟؟. وتضيفُ السيّدة ذاتها، ورؤوس المحيطين بها تومئ بالموافقة على ما تقول: “حْنا مْكرفصين وْمّْحّنين، وخاصّ المسؤولين ديال الصحّة يْديرو لينا شي حلّ راه المسؤولين على قطاع الصحة بالاقليم كينتاقمو منا، وحنا معرفناش السبب”.
وتُلاحقُ المعاناةُ المواطنين القاطنين بـ”مدينة” الرمّاني حينَ يتوجّهون إلى المستشفى الإقليمي، الذي يستقبلُ المرضى الوافدين من ثماني جماعات.. هذا المستشفى بدوره “لا يستجيبُ حتّى لأبسط حاجيات المرضى الذين يستقبلهم”، وفق إفادة الفاعل الجمعوي، مُوضحا أنّه يفتقرُ إلى التجهيزات الطبيّة، التي تُوجّه إليه لكنّها في الأخير تذهبُ إلى مستشفى الخميسات، “ولا نعرف هلْ يتمّ ذلك عن قصْد أو عن غير قصد؟.. المهمّ أنّ ثمّة غموضاً في هذه المسألة”، يردف المتحدث.
أمّا ما يتعلّق بالأدوية، فيقول الفاعل الجمعوي إنّ مَنْحها للمرضى يخضع “للاستغلال السياسي” من طرفِ إدارة المستشفى، الذي يُديره رئيسُ المجلس الجماعي. وفي حينِ تعذّرَ الاستماع إلى رأيِ مدير المستشفى، رغْمَ محاولاتنا المتكررة للاتصال به، لوجودِ هاتفه خارجَ التغطية، قال الفاعل الجمعوي: “مدير المستشفى يستغلّ هذا المرفق الصحّي لخدمة أجندته السياسية، ويقوم عن طريقه بحملته الانتخابية طيلة خمس سنوات”، مضيفا: “المستشفى الإقليمي أصبح مُلحقة حزبية بدل أن يكونَ مرفقا عموميا تستفيد منه الساكنة”.
بالنبرة الغاضبة نفسها قالت السيدة التي تحدثت للجريدة: “كانمْشيو ندوزو فْالسبيطار لْتحتاني (المستشفى الإقليمي) كايْقولو لينا طْلعو للسبيطار ديال الحومة، كانمشيو للسبيطار دْ الحومة كانلقاوْ نفس الجواب لا دواء لا تجهيزات طبية فقد الداء ينخر اجساد المرضى، وتضيف: امتا كنحسو بلي حنا مواطنين في هذا الاقليم ملي كتقرب الانتخابات كلشي يبغي يركب على معاناة المرضى وعائلاتهم، يبدأ البر والإحسان، ولكن ينتهي بانتهاء الحملة الانتخابية”.
وفي غياب رأي مندوب وزارة الصحّة، الذي لمْ يَرُدّْ على اتصالات المواطنين، رغمَ إحاطته علما بمشاكل المواطنين، تُلخّص السيّدة الغاضبة حالَ المرافق الصحية بالرمّاني في سؤال استنكاري مُوجّه لمسؤولي وزارة الصحة: “فين غانْدِّيو هاد لُولاد اللي كايْمرضو لينا وكايْموتو، نديوهم نلوحوهم فْالبْركاصة؟”.