مجتمع

موقع الأنــــباء ” يستعرض قصص نجاحات الأمن المغربي التي عرت بؤس الطوابرية

هناك الكثير من قصص نجاح المؤسسة الأمنية في المغرب طيلة أزيد من عقد من الزمن في أكثر من ملف وواجهة اشتغال. خلال هذه المدة أصبح لهذه المؤسسة جاذبية وصارت قوة المغرب الضاربة والأبرز التي يرجى الاستفادة من خبرتها وخدماتها وكفاءات رجالها ونسائها والاغتراف من تجربتها.

والحقيقة أن قصة النجاح الأمني للمغرب عنوان فقط لنجاح مشروع النهوض بدولة وتدبير ناجح لدولة في ظل ظرفية محملة بإكراهات متعددة ومتنوعة ومعقدة، بدءا بموجة الإرهاب المتصاعدة منذ بداية الألفية الثالثة، ومرورا بالانتشار السريع للجريمة المنظمة العابرة للحدود، ومرورا بمخطط نشر الفوضى المنظمة لضرب استقرار دول المنطقة وإضعافها، وانتهاء بموجة كورونا. قصة النجاحات الأمنية المغربية أطول من أن تختزل في هذا البوح وأكبر من أن يستوعبها تحقيق صحفي وأعقد من أن يلم بها إلا الخبراء الأمنيون لأدرى بإكراهات هذا العمل، ولكن لأن المناسبة شرط فإنه يلزم الحديث عنها في هذا البوح ولو بإيجاز غير مخل لوضع بعض الوقائع في إطارها وقراءة مدلولها في سياقه للاعتراف لذوي الفضل بفضلهم ولو أنهم ليسوا في حاجة لذلك. وكيف ينفع الثناء من نذر نفسه لخدمة هذه الأرض معرضا حياته لخطر الموت لتفكيك متفجرات أو إحباط عمليات إرهابية أو التواجد في الميدان في عز الجائحة التي ألزمت الكل بالعمل عن بعد من بيوتهم. هم أناس متجردون لا يحركهم مدح كما لا يثنيهم تثبيط عزائم عن القيام بالواجب الوطني الذي لا يشعر بمعناه وقيمته إلا من يرى استقرار البلاد وفرحة العباد بهذه النعمة، وهي وحدها ما يرضي كل حماة الجدار بمختلف تشكيلاتهم ودرجاتهم.

قصة النجاحات الأمنية المغربية خلال هذا العقد الصعب أكبر من أن تختزل في إنجازات متفرقة لأن قمة النجاح الأمني المغربي تمثلت في تحديث هذه المؤسسة خلال مدة وجيزة وتغيير نمط تدبيرها والعقليات العاملة فيها والحوافز المحركة لهم. قمة النجاح الأمني المغربي صار يلمسها المغاربة بالتواصل المستمر معهم والقرب منهم والشعور بالمرافقة الأمنية ومواكبة هذه المؤسسة لكل أوراش النهوض في هذا البلد.

قصة النجاح الأمني المغربي يمكن اختزالها في توفر المؤسسة الأمنية على رؤية عميقة وخطة عملية وحكامة إدراية وكفاءات بشرية، وفي يقظتها الدائمة وتدبيرها الاستباقي ومراكمتها لخبرات كثيرة، وفي حسن توظيف الإمكانيات المتاحة على قلتها، ولذلك ما فتئ جلالة الملك في أكثر من خطاب يؤكد على ضرورة إمدادها بوسائل العمل الضرورية.

من يتابع الإنجازات الأمنية للمغرب بحياد وموضوعية لن تفاجئه هذه الخطوة التي أقدم عليها خبراء الدولة التي ستحتضن أكبر تظاهرة على بعد شهر تقريبا من انطلاقها. المغرب أصبح مدرسة في مكافحة الجريمة الإرهابية، ومنهجية مكافحته لهذه الظاهرة أصبحت مرجعا لا يستغنى عنه، وقصص الخدمات الاستباقية التي أسداها لدول عظمى سارت بذكرها الركبان ولم يعد ممكنا تغافلها أو الخطأ في قراءة أثرها.

يعتبر المغرب من الدول القليلة التي استهدفها قادة هذه التنظيمات الإرهابية في خطبهم وأعلنوها هدفا لعملياتهم دون أن يحققوا شيئا من أمانيهم، بل أثبت الواقع أنها مجرد توهمات تنكسر كلما اصطدمت مع حائط صد من فولاذ. المغرب هو الدولة التي تفكك بأقل الخسائر أكثر الخلايا الإرهابية وتحبط بأقل كلفة مفعول مخططاتها داخل المغرب وخارجه، والمغرب هو الدولة التي تتقاسم، مع جيرانها وغير جيرانها وحتى خصومها، المعلومات الخاصة بالمخاطر الإرهابية بعيدا عن الحسابات الضيقة وهو ما جعله شريكا موثوقا وفعالا.

نتذكر جميعا زيارة وزير الخارجية الأمريكي السابق مايك بومبيو إلى المغرب، وهو بالمناسبة رجل خبر العمل الاستخباراتي وخريج المدرسة المخابراتية الأمريكية، والذي كانت لقاءاته مع حماة الجدار في الرباط ملحها، وهي التي استأثرت أكثر بالاهتمام داخل المغرب وخارجه لدلالات الزائر والمَزُورِ أشخاصا ومؤسسات. كانت تلك الزيارة وما رشح عنها شهادة اعتراف أمريكي بنجاعة المؤسسة الأمنية المغربية وريادتها عالميا. وتشاء الأقدار مرة أخرى لتكون سنة 2022 مناسبة للقاءات على أعلى مستوى بين ممثلي المؤسستين الأمنيتين بالبلدين، وهذه المرة بواشنطن بمناسبة زيارة العمل التي قام بها عبد اللطيف حموشي لأمريكا يومي 13 و14 يونيو من السنة الماضية.

اكتست هذه الزيارة قوتها وأهميتها من توقيتها والمواضيع التي برمجت خلالها حيث تناولت التهديدات الأمنية والمخاطر المستجدة إقليميا ودوليا، والآليات والسبل الكفيلة بمواجهة هذه المخاطر من منظور مشترك وجماعي قادر على تحقيق الأمن وإرساء الاستقرار الدوليين، واكتست أهميتها كذلك من مخرجات هذه الاجتماعات والتي تمثلت في تبادل الخبرات والتجارب وتقاسم المعلومات ذات الصلة بمكافحة التنظيمات الإرهابية وشبكات الجريمة المنظمة والتوافق على أهمية تنسيق الجهود المشتركة وتطوير آليات الرصد والمكافحة بما يضمن التصدي الحازم لمختلف المخاطر والتهديدات المتنامية على الصعيد الدولي، واكتست أهميتها كذلك من خلال طبيعة الزائر و طبيعة الوفد المرافق له وحجم المؤسسات الأمنية التي تم الالتقاء بها وطبيعة ووزن الشخصيات التي تمثلها مثل أفريل هاينز مديرة أجهزة الاستخبارات الوطنية، ووليام بيرنز مدير وكالة الاستخبارات المركزية، وكريستوفر راي مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي.

لقاءات واشنطن التي جمعت عبد اللطيف حموشي مع قيادات الصف الأول في الأجهزة الأمنية الأمريكية تبرز المكانة التي تحتلها المؤسسة الأمنية المغربية دوليا والثقة التي تحظى بها في مجالات مكافحة الإرهاب والجريمة ومتانة التعاون الثنائي بين البلدين.

يحق للمغاربة الافتخار بهذه الإنجازات لأنها جزء من نجاح جماعي وصناعةٌ مغربية خالصة ومنتوج ذكاء مغربي صرف يساهم فيه المغاربة، كل من موقعه، شعورا منهم بالحاجة إلى الأمن والاستقرار وثقة منهم في نزاهة وكفاءة الساهرين على أمنهم واقتناعا منهم أن الأمن مسؤولية مجتمعية لا تقتصر فقط على عناصر الأمن بمختلف تشكيلاته وتخصصاته.

هنا تكمن نقطة القوة التي استطاع عبد اللطيف حموشي بطريقة اشتغاله ومقاربته للمسألة الأمنية إقناع المغاربة بها. لقد تمكن خلال فترة غير طويلة وبإمكانيات ليست خارقة وتركة ليست كلها مواكبة للتحولات أن يدمج الحاجة إلى الأمن ومؤسسة أمنية قوية في عقلية المغاربة وهو ما أحدث في النهاية مصالحة الشعب مع مؤسسة ظلت تتلقى الضربات والدعاية المضادة منذ الاستقلال وهو ما أنتج احتضانا مجتمعيا لهذه المؤسسة أهلها لحصد النجاحات. وهذا دون أن ننسى طبعا التجديد الحاصل في طريقة ومعايير انتقاء هذه العناصر والصرامة في محاسبة المخطئين والمبادرة لمكافأة المجدين. لا يقوم بهذا التجديد إلا من ألف خوض الصعاب ولا يهمه غير أداء الواجب دون مراعاة كلفة ذلك ولو كانت من وقته وجهده وسمعته، ولو اقتضى ذلك زيادة خصومه.

لا يمكن الحديث عن النجاحات الأمنية بمعزل عن نجاحات مرافقة في مجالات وميادين أخرى تبين كلها أن المغرب، ورغم الظروف غير المساعدة والإمكانيات المحدودة حاضر بقوة إقليميا وقاريا ودوليا. لقد استطاع جلالة الملك بفضل قيادته الحكيمة واستراتيجيته الثابتة وحسن توقعاته المستقبلية وحسن اختياره لفريق العمل الذي يشتغل معه أن يوجد للمغرب مكانا متميزا في عالم الأقوياء. ما يميز المغرب هو نجاحه في الاستثمار في موارده البشرية وقدرته على ضبط النفس والنأي بالنفس عن التجاذبات والتقاطبات الفارغة وميله للمصلحة المشتركة وشجاعته في تبني الخيارات الأسلم ولو كانت مكلفة وعدم الخضوع للضغوط الدولية واللوبيات الفاسدة والخطابات الشعبوية والتيارات المتطرفة ذات اليمين وذات اليسار. يحسب للمغرب أنه منحاز دائما للقضايا العادلة بغض النظر عن تبعات هذه المواقف.

نجاعة استراتيجيات المغرب مبنية على مجهودات مؤسسات أمنية تصل الليل بالنهار لتوفير المعلومات الكاملة والدقيقة لصناعة القرار الملائم واتخاذه في الوقت المناسب واستعماله مع الطرف المناسب. هنا يكمن وجه آخر للنجاح الأمني المغربي، وهو القدرة الخارقة على تملك المعلومة استباقيا، وعنصر القوة الأساس هو الرأسمال البشري المؤهل والمواكب للتحولات والتطورات.

لكل ما سبق، لا نستغرب كمغاربة حجم الاستهداف الذي تتعرض له هذه المؤسسة من طرف الطوابرية لأنهم يعرفون أنها هي الركيزة لهذا البيت وعناصرها هم صمام الأمان وكاسحات الألغام وجدار الصد، وهم أكثر من يفهم خلفيات تحركاتهم منذ سنين، وهم من أحبط كل مؤامراتهم في الداخل والخارج بقوة ناعمة ودون أن يقدموا لهم هدايا مجانية ألفوا استغلالها وتضخيمها مستعينين بخدمات منابر الدعاية السوداء ومنظمات تأجير الخدمات الخبيثة.

لا يحمل الطوابرية بدائل، ولا يرون إلا السواد، ولا ينتعشون إلا في البرك الآسنة، ولا يسمع لهم صوت إلا في المناسبات التي يتشفون فيها في وطنهم أو يقدمون فيها خدمة لخصومه وأعدائه. الطوابرية مستعدون، بانتقائيتهم المعهودة، الدفاع عن مصالح الأجانب ضدا في استقلالية القرار الوطني والسيادة الكاملة للمغرب، ومستعدون لنشر البهتان والأباطيل والأراجيف للتنقيص من إنجازات المغرب وتبخيسها، ويصابون بالخيبة والصدمة كلما سمعوا حديثا إيجابيا عن المغرب في المنتظم الدولي ولذلك يصيبهم السعار حين يطلعون على بلاغ التعاون الأمني المغربي الأمريكي والاستقبال الذي يحظى به المسؤولون الأمنيون المغاربة في أمريكا وغيرها.

من حسن حظ هؤلاء جميعا أن حماة الجدار يتجاهلون سلوكاتهم، ومن سوء حظهم أن حماة الأمن القومي تركوهم وجها لوجه مع المغاربة حيث انكشفت أساليبهم وانفضحت سرائرهم وعرفوا وزنهم الحقيقي أمام الشعب في الميزان الذي لا يخطئ.

لن يملك الطوابرية شجاعة الاعتراف بخطإ توقعاتهم تجاه الاعتراف الأمريكي بقضية الصحراء وقد مرت مدة طويلة دون أن تتحقق أمنيتهم مع الإدارة الأمريكية الجديدة، ولن يجرؤ طوابري على الإدلاء بشهادة حق تجاه نجاح المغرب في مكافحة الإرهاب داخل ترابه وخارجه، ولن تأخذ الغيرة أحدهم للإشادة بمجهودات المؤسسة الأمنية التي بوأت المغرب مكانة دولية لا ينكرها إلا جاحد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى