تقارير

عمر بروكسي.. “المجنس” الذي ينافح عن فرنسا ويزدري المغرب

بعد سبات طويل، يعود عمر بروكسي للظهور عبر نافذة  جريدة رقمية فرنسية معروفة بخطها التحريري المناوئ للمغرب، عبر مقال مطبوخ على عجل بتوابل متنافرة أفرزت رائحة كريهة لا تخطؤها حِرفيَّة الصحافيين ونباهة المتتبعين للشأن المغربي.

ومن نافل القول أن الصحافة البناءة تمحص السياسات العمومية وتتابع اشتغال الشخصيات الرسمية بهدف التنبيه لِما قد تراه نواقصاً وتثمين الأمور الايجابية. لكن هذه “السلطة الرابعة”، كما يحلو للكثيرين تسميتها، مرتع أيضا لمرتزقة وانتهازيين يخدمون أجندات بعيدة عن نبل رسالة العمل الصحفي.

وقد يقول قائل أن هذا الكلام القاسي، في سياق خرجة بروكسي، ينم عن تحامل أو تسفيه لا يستندان على عناصر ملموسة. لكن إدعاءً  من هذا القبيل لن يلبث أن يتهاوى بعد تمحيص مقال بروكسي وتعرية أمور جوهرية تتعلق بجزء من مساره وطبيعة ارتباطاته وحمولة النص وتركيبته الشكلية.

بروفايل بروكسي..كومبارس فرنساوي

عمر بروكسي استاذ بجامعة سطات، حامل للجنسية الفرنسية، اشتغل لسنوات لحساب وكالة الانباء الفرنسية واندمج مع خطها التحريري المغرض في كل ما يتعلق بالمغرب. مقالاته التي تجتر نفس التيمات (الملك ومحيطه، الاجهزة الامنية، السياسات السيادية… ) ومن زوايا مسمومة خبيثة، جعلت منه بامتياز ممررا مفضوحا لرسائل جهات فرنسية معينة.

بروكسي ايضا “كومبارس” داخل شلة محبَطة كان افرادها يحلمون بآفاق مهنية ومصلحية تخدم نرجسيتهم وأناهم المتضخمة، قبل أن يلجؤوا  للإنتقاد الممنهج  والركوب على الأمواج والظرفيات لكي لا يغمرهم النسيان ولمحاولة الظهور بصورة “النخبة” الألمعية المطلعة على خبايا الامور .

هذه الاعتبارات الذاتية تجعل بروكسي بعيدا عن شروط الموضوعية والمصداقية والنزاهة الفكرية.

مقال شارد.. في سياق مشبوه

مقال بروكسي “الفرنساوي”  يتحدث، في الظاهر،  عن الظرفية الاقتصادية الصعبة التي يمر بها المغرب (كما لو أن المملكة بمعزل عن الأزمة الاقتصادية الدولية) ويهول انعكاساتها الاجتماعية ويرمي بمسبباتها نحو الدولة وطريقة تسييرها.

لكن أبسط متتبع للشأن المغربي لا يستطيع، بالنظر لارتباطات بروكسي الخارجية، أن يعزل مقاله عن سياق الأزمة التي تمر بها العلاقات المغربية-الفرنسية ومحاولات الضرب تحت الحزام التي تتعرض لها المملكة ورموزها بإيعاز من فرنسا والجهات المحسوبة عليها بما فيهم بروكسي نفسه.

هذه الملاحظة تنفضح بشكل صارخ حين ينبري بروكسي في ختام مقاله للدفاع المعلن عن فرنسا التي يحاول أن يصورها كضحية لمزاجية صناع القرار  المغاربة الذين يبحثون، حسب زعمه، عن خلق أعداء بالخارج لمداراة المشاكل الداخلية للمملكة. من أجل ذلك، لم يجد هذا “المجنّس الفرنسي” حرجاً في طرح مقارنة خارجة عن السياق بين موقفي فرنسا واسرائيل بخصوص قضية الصحراء المغربية. هنا تتضح الصورة بشكل جلي لأن بروكسي يبوح بعناصر الخطاب (éléments de langage) التي كلف بتسويقها ولم يتمكن، رغم دربته في ردهات وكالة الانباء الفرنسية، من دمجها بشكل ذكي في مقاله.

هكذا تتبدى ملامح المعطى البديهي الثاني. فمقال بروكسي ، الذي لا يمكن إخراجه من سياقه الظرفي، يمثل بالأحرى غارة صحفية عبر درون انشائي يهدف للتشويش والتشكيك في صلابة بنيان الدولة. بروكسي “المحمي” (بالمعنى الذي عرف عن المجنسيين المغاربة الذين استعملتهم القوى الاستعمارية لصالحها في زمن ما) تم إخراجه من جحره في هذا الظرف خدمة لاجندات تستعمل الصحافة كوسيلة للضغط على صناع القرار السيادي بالمغرب.

البناء التركيبي للمنشور الفرنسي :

لا يستطيع المتمعن النبيه كلما تقدم في قراءة المقال أن يغفل هشاشة بنائه العام وعدم تناغم فقراته. فلجوء المونسيور بروكسي لعناوين فرعية لا يمكن أن يخفي طبيعة المواضيع  المتنافرة، بل والسخيفة، التي يركب عليها للمرور، بشكل متعسف، إلى استنتاجات مضخمة مجانبة للواقع والحقيقة.

بروكسي، الذي يريد أن يوحي بأنه أتى بسبق صحفي، يلوذ بمعطيات ومؤشرات معروف انها نسبية وصادرة عن مؤسسات أجنبية تجهل الكثير عن الخصائص السوسيولوجية للمغرب ومقوماته المؤسساتية. بروكسي لم يفعل غير جمع فتات ما نشر في بعض المنابر الاعلامية وما تناقلته اشاعات الباحثين عن “البوز”.

وفاة أشخاص بفعل تناول مشروبات كحولية مغشوشة، غلاء اسعار المحروقات، الجفاف، التفاوتات الطبقية، أحداث الريف، إجازة الملك، أصدقاء الملك، أداء رئيس الحكومة وعجزه عن مواجهة الأزمة الاقتصادية، البوليس (الذي يمعن بروكسي في ازدرائه) …إلخ. هذه عينة  من حمولة المقال الذي خانته حبكة لا يمكنه أصلا أن يصل اليها بالنظر للعناصر النشاز التي تشوبه ولا تثير فضول القارئ الباحث عن معلومات جديدة.

أما كلامه عن طريقة تسيير الدولة، فهو ينم عن سطحية تضرب في الصميم صفته كأستاذ جامعي في مادة القانون يفترض فيه الإلمام بميكانزمات تدبير شؤون الدولة واحترام الحياة الخاصة لمسؤوليها بدءا من أعلى هرم السلطة.

الدولة كما يعرف ابسط الدارسين للقانون، تشتغل بنمط مؤسساتي يضمن استمرارية عمل قطاعاتها المختلفة ومتابعة السياسات العمومية وليس من الضروري التذكير بأن المغرب، بمنطوق الدستور وروحه، “ملكية دستورية ديموقراطية برلمانية اجتماعية” تراعي فصل السلط وتضع لها آليات للرقابة والمحاسبة السياسية والقانونية والادارية. وحين يختار بروكسي ومن وراءه أن يعطي تأويلات تافهة لسفريات الملك مدعيا انها تؤثر على السير العادي لشؤون الدولة، فهو ينطق دون تقصي، مفضلا ما أسماه بنفسه ب”حديث الصالونات”

من هنا، نهمس في اذن صديقنا الفرنساوي “أهو فعلا حديث صالونات (مع تهانينا على اختيارك هذا المصدر “الرزين”) أم هو وحي يوحى لك من اشخاص بعينهم وأجهزة خارجية تحركك ككركوز ؟ في كل الأحوال، فخطاطة صاحبنا المهترئة تعطي الدليل انه لم يصل بعد لدرجة “Proxy” يقظ.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى