بوبكر الجامعي.. يجتر أخبارا زائفة ومتقادمة لتحليل راهنية العلاقات المغربية الفرنسية

يصر بوبكر الجامعي، بشعبوية غير مبررة، على ترديد واجترار خبر قديم وزائف، مؤداه أن عبد اللطيف حموشي، المدير العام لقطب الأمن العام والمخابرات الداخلية، كان حاضرا ذات يوم خميس من شهر فبراير من سنة 2014 بمقر سفير المملكة المغربية بباريس، عندما حضر إليه سبعة شرطيين فرنسيين حاملين استدعاءا للحضور، خارج كل الأعراف الدبلوماسية والاتفاقيات الثنائية المؤطرة للتعاون المغربي الفرنسي.
ورغم أن هذا الخبر عار من الصحة، وسبق دحضه في العديد من التصريحات الرسمية والتقارير الإعلامية، على مدار أكثر من تسع سنوات، بعدما ثبت بأن عبد اللطيف حموشي كان متواجدا ساعتها بمكتبه بالرباط، وليس بباريس كما يزعم مروجو هذه الإشاعة، إلا أن بوبكر الجامعي أبى إلا أن ينفخ (بدوره) روح التدليس في رميم هذا الخبر الزائف، وهو يدلي بدلوه المخروم في الأزمة الراهنة بين المغرب وفرنسا.
ولئن كان الإفراط في التكرار يبقى مذموما، فإنه قد يفيد أحيانا مع نوعية معينة من الناس، مثل حالة بوبكر الجامعي. وإمعانا في التوضيح مرة أخرى، تؤكد مصادر الجريدة بأن المدير العام للأمن الوطني ولمراقبة التراب الوطني عبد اللطيف حموشي لم يكن نهائيا بمقر السفير المغربي بباريس، شكيب بنموسى وقتها، عندما حضر إليه سبعة شرطيين فرنسيين حاملين طيا للتبليغ يخرق كل الأعراف الدبلوماسية.
وهذا الإصرار المشفوع بالتدليس على الرأي العام الفرنسي خصوصا، يحتمل فرضيتان لا ثالث لهما. فإما أن بوبكر الجامعي يكتفي فقط بإعادة نشر مزاعم الصحافة والأجهزة الفرنسية، ويساعدهما في حرب الدعاية المغرضة إزاء المغرب، من دون أي تمحيص أو تدقيق صحفي، مدفوعا في ذلك بمنطلق البروباغندا المقيتة الذي يفترض بأن “الإسراف في الكذب يقتل الحقيقة متى كانت معزولة ووحيدة”.
وأما الفرضية الثانية فهي أن الصحافة الفرنسية، التي يعتمدها بوبكر الجامعي كمصدر، تعوزها هي بدورها المصادر المؤكدة، مما يجعلها تسقط في براثن نشر الأخبار الزائفة، خصوصا عندما يتعلق الأمر بقضايا المغرب والشعوب الافريقية. ونحن هنا لا نفتري على الصحافة الفرنسية، إذ يكفي أن نستشهد مثلا بافتتاحية ليبراسيون التي حرفت مؤخرا لسان امرأة “مراكشية” مكلومة تلهج بعبارة “يحيا الملك” عقب زلزال الحوز، ونسبت لها ادعاءات وهمية للمتاجرة بمعاناتها وبمآسي الضحايا المنكوبين تحت الأنقاض.
لكن المثير للسخرية في “تحليلات” بوبكر الجامعي بخصوص العلاقات المغربية الفرنسية، هو أنه لم يكتف فقط بالاسترشاد والاستشهاد بهذا الخبر الزائف، رغم أنه مستهلك إعلاميا وعار من الصحة أخلاقيا. بل أكثر من ذلك، فحتى الشكايات والوشايات التي استند إليها القضاء الفرنسي وقتها لتوجيه الاستدعاء لمسكن السفير المغربي، في غياب عبد اللطيف حموشي، تم حفظها جميعها من طرف العدالة الفرنسية بعدما أيقنت بأنها كيدية وغير مرتكزة على أساس من الحقيقة والواقع.
ولم تقتصر فرنسا وهي تلملم شظايا هذه الفضيحة، على حفظ الشكايات الكيدية التي كان قد رفعها تاجر مخدرات وانفصالي متورط في قتل أعوان القوة العمومية، وإنما ذهبت بعيدا في مساعي الاعتذار، بأن وشحت حينئذ عبد اللطيف حموشي بأحد أعلى الأوسمة الفرنسية، اعترافا بجهوده في مجال مكافحة الإرهاب، واعتذارا منه كذلك على كل تلك المهازل التي ارتكبها القضاء الفرنسي في ذلك الوقت، والتي لا زال (للأسف) يروجها الإعلام الفرنسي المغرض وفي طليعتهم بوبكر الجامعي.